العثماني للجزيرة نت: هدفنا الفوز بانتخابات المغرب ولم نتعرض لهزات لأننا لسنا حزبا دكتاتوريا

الرباط- قال الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي سعد الدين العثماني إن هدف حزبه الفوز بالانتخابات المقبلة، مؤكدا أن الحزب يمتلك جميع المؤهلات لذلك "من حصيلة حكومية مشرفة، وبرنامج انتخابي يستجيب لتطلعات المواطن، ومرشحين أكْفاء نزيهين لا يبيعون الوهم".

وأوضح العثماني، رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، في حوار مع الجزيرة نت، أن الحكومتين السابقة والحالية، اللتين قادهما حزبه، وضعتا فوق سكة قطار التنمية مخططات إصلاحية هيكلية ستستفيد منها المملكة على المستوى القصير، وأيضا على المديين المتوسط والبعيد. وأطلقتا مشاريع مهيكلة طال انتظارها لما يزيد على 15 سنة.

وتأسس حزب العدالة سنة 1996، عندما انضم أعضاء من "حركة التوحيد والإصلاح الإسلامية" إلى حزب "الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية" وشاركوا بالانتخابات الجماعية النيابية العام الموالي، وحصلوا على 9 مقاعد بمجلس النواب، وسنة 1998 غيّر الحزب اسمه إلى "العدالة والتنمية" ورمزه المصباح.

وقادت رياح الربيع العربي، التي شهدتها البلاد عام 2011، الحزب إلى زعامة الحكومة بعد أن تصدر نتائج الانتخابات النيابية وتم تعيين أمينه العام عبد الإله بن كيران رئيسا للحكومة.

وفي انتخابات 2016 تصدّر الحزب الانتخابات للمرة الثانية، وشكل حكومة بقيادة الدكتور العثماني وزير الخارجية بحكومة بن كيران.

وشهد البيت الداخلي للحزب هزات عديدة خلال الولاية المنتهية، غير أن العثماني (65 سنة) يرى فيها أحداثا عادية وعابرة، فـ "المصباح" كما يقول، حزب سياسي حيّ، يُعرف بالنقاشات الداخلية، وليس حزبا "ستالينيا دكتاتوريا" يمنع على أعضائه إبداء الرأي أو الملاحظة.
وبخصوص التعديلات التي عرفتها القوانين الانتخابية وأثارت جدلا واسعا حينها، باعتماد قاسم انتخابي جديد لتوزيع المقاعد وإزالة العتبة (نسبة الحسم) يقول العثماني إن هذه التعديلات نكوص حقيقي وتراجع، ولا تفسير لها سوى محاولة تقليص حظوظ "العدالة والتنمية".

فيما يلي نص الحوار:

– بعد عشر سنوات من ترؤسكم الحكومة، ما أهم ما تعولون عليه في برنامجكم الانتخابي لإقناع الناخبين بالتصويت لولاية ثالثة؟

  • عشر سنوات من العمل الحكومي كانت غنية بالمنجزات التي نفتخر بها، وهي الحصيلة التي شكلت محورا أساسيا في حملتنا الانتخابية لاستحقاقات (انتخابات) "الثامن من سبتمبر" ولقينا كل الدعم والسند من المواطنين في مختلف جهات المملكة.
    وعودة إلى سؤالك، أؤكد أن الحكومتين السابقة والحالية وضعتا فوق سكة قطار تنمية بلادنا مخططات إصلاحية هيكلية سيستفيد منها المغرب، ليس على المستوى القصير فحسب، بل على المديين المتوسط والبعيد.
    كما أننا أطلقنا مشاريع مهيكلة طال انتظارها لأزيد من 15 سنة، كإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار واللامركزية الإدارية، التي تخفف العبء عن المواطنين المضطرين للتنقل إلى العاصمة من أقاليم بعيدة لقضاء أغراضهم الإدارية.
    إلى جانب ما تحقق في مجال إصلاح الإدارة وترسيخ الحوكمة، والمضي قدما في ورش الرقمنة التي باتت ملحة، خصوصا بعد أزمة كورونا وما اقتضته من تعليم عن بُعد، وقضاء المصالح الإدارية عن بُعد.

وأسجل للحكومة أنها وضعت أولوية خدمة المواطن ودعم المقاولة وتشجيع المستثمرين، إلى جانب القطاعات الحيوية التي أولتها عناية خاصة لاسيما التعليم والصحة والتشغيل.

– أمام تراجع الثقة بالأحزاب وعزوف الشباب عن المشاركة السياسية، ما وصفتكم لإقناع المواطن بالتصويت في الانتخابات المقبلة؟

  • الشباب المغربي ذكي، يتابع ما يجري في الساحة السياسية الوطنية، ويتفاعل إيجابيا مع كبرى المحطات التي تعرفها البلاد، في مقدمتها المحطات الانتخابية.
    وردا على سؤالك المتعلق بالوصفة، صراحة ليست لدينا وصفة سحرية، لكن نعتقد جازمين أن ما نصفه نحن المغاربة بـ "المَعْقول" كفيل بدفع الشباب للاقتناع بأن لهم دور كبير في الإصلاح المنشود الذي يضمن الخير للبلاد وللعباد، وأن ينخرطوا في العملية السياسية التي تضمنها التعددية الحزبية بالمملكة ويضمنها نظامها الانتخابي.
    والحمد لله أن المغرب أخذ طريقه في مجال الانتقال الديمقراطي، ويصر على تجديد النُخب سواء التي تمثل المواطن في المؤسسة التشريعية، أو في الجماعات المحلية (المحافظات).
    وهناك حرص كبير على إجراء الانتخابات في مواعيدها حسب دستور المملكة الذي توافق عليه الشعب بكافة فئاته وأطيافه ومكوناته في يوليو/تموز 2011. فلم تمنعنا، مثلا، تداعيات جائحة كورونا "كوفيد-19" من تأجيل أو إلغاء المحطة الانتخابية، لأن هناك التزاما سياسيا يقابله حرص على احترام إرادة الشعب.
    وكما تابع العالم، تجرى الاستحقاقات، وأقصد هنا الحملة الانتخابية المتعلقة بها، في أجواء مناسبة، ووسط تدابير حكومية للحفاظ على سلامة وصحة المواطنين.
    وبالنسبة ليوم الاقتراع، هناك إجراءات احترازية صارمة لكي تجرى الانتخابات دون أن تسجل أي انتكاسة صحية لا قدر الله.
    من هذه المنطلقات، نجدد الدعوة لشاباتنا ولشبابنا بالتوجه يوم الأربعاء 8 سبتمبر/أيلول وليكونوا مع موعد التغيير والإصلاح، ونحن نعول كثيرا على مساهمة الشباب ولدينا تنظيم مواز في الحزب يسمى "شبيبة العدالة والتنمية" يُعنى أساسا بالشباب.
    ولقد رشح حزبنا عددا من الشباب، لأننا لا نكتفي برفع الشعارات، بل نحولها إلى واقع وممارسة عملية، وخير دليل على ذلك تولي الشاب محمد أمكراز كاتب عام شبيبة العدالة والتنمية مسؤولية قطاع الشغل بالحكومة، وقد حقق نتائج مهمة في هذا المجال.

Image removed.العثماني في حملته الانتخابية بالرباط حيث ترشح للبرلمان (الجزيرة)

– رسم "النموذج التنموي الجديد" الذي وضعته لجنة استشارية ملكية، بالتشاور مع فاعلين سياسيين واقتصاديين ومدنيين، ملامح المرحلة المقبلة، أين يلتقي برنامجكم الانتخابي وأين يتعارض مع هذا المشروع؟

  • اعتمد البرنامج الانتخابي للعدالة والتنمية، والذي أنجزته أطر وكفاءات الحزب دون دراسات واستشارات خارجية، على مرتكزات هامة منها المرتبطة بالنموذج التنموي الجديد، ولقد استحضرنا ما جاء في التقرير الذي رفعته لجنة النموذج التنموي إلى أنظار جلالة الملك محمد السادس.
    وبطبيعة الحال، استلهمنا بعض مقترحاتنا مما ورد في التقرير وفق رؤية تقييمية أولا لما تم إنجازه، ثم استشرافية تحدد أولويات تحديات المرحلة المقبلة.

– انتقدتم القوانين الانتخابية الجديدة، وقلتم إنها ستساهم في "بلقنة" المشهد السياسي، كيف ستؤثر التعديلات، وخاصة القاسم الانتخابي وإزالة العتبة، في نتائج حزبكم؟

  • هذا صحيح، لقد كان لنا رأي مخالف بشأن القوانين الانتخابية التي اعتمدت لتدبير الانتخابات لسنة 2021. وبكل جرأة سياسية، تحملنا مسؤوليتنا التاريخية أمام الرأي العام، وعبّرنا عن وجهة نظرنا، لاسيما ما يتعلق بالقاسم الانتخابي الذي سيعتمد عدد المسجلين باللوائح الانتخابية وليس عدد الأصوات الصحيحة كما كان معمولا به في الانتخابات السابقة، بل وكما هو معمول به في عدد من بلدان العالم وفي دول مجاورة.
  • إنه نكوص حقيقي وتراجع لا تفسير له سوى أنه محاولة لتقليص حظوظ العدالة والتنمية، وهذا السلوك مشين ومرفوض، وينمّ عن أن حزب العدالة والتنمية له حضور وازن في المجتمع، ويمتلك القدرة على الظفر بالمراتب الأولى في الانتخابات لأنه يتمتع بالمصداقية في العمل السياسي ويخوض الانتخابات بالوسائل المشروعة، وبرنامجه طموح ومرشحوه يعرفون بالنزاهة، لأنهم أبناء الحزب وليسوا كائنات تتجول بين الأحزاب وتلجأ إلى الترحال بينها

– شهد الحزب خلال الفترة الأخيرة ما يسميه البعض "هزّات داخلية" إلى أي حد سيكون لها تأثير على نتائجكم بهذه الانتخابات؟

  • لا يمكن أن نتحدث عن هزات داخلية، بقدر ما هي أحداث عادية، وإن صح التعبير، عابرة. وكما أشدد في كل مناسبة "العدالة والتنمية" حزب سياسي حيّ، يُعرف بالنقاشات الداخلية، وليس حزبا "ستالينيا دكتاتوريا" يمنع على أعضائه إبداء الرأي أو الملاحظة.
    صحيح كانت هناك بعض المنعطفات، لكن بالنقاش الذي يدور داخل مؤسسات الحزب، وليس خارجها، نتمكن من تجاوز المطبّات بسلام، لأننا كما أسلفت حزب مؤسسات وليس حزب أشخاص. والنقاش حر والقرار ملزم، هذا هو نهجنا وهذا الذي يمكننا من احتواء ما تسمونه "هزات داخلية". علما أننا نستخلص الدروس من كل محطة.

– ما توقعاتكم بشأن نتائج الانتخابات المقبلة؟

  • همّنا أن تمر الانتخابات بسلام، لأن هذا امتحان ديمقراطي آخر من الامتحانات التي تواجهها بلادنا، وأملنا ألا يسجل أي تراجع ديمقراطي، لأن المغرب قطع أشواطا منذ ما يزيد عن 20 سنة في مجال الانتقال الديمقراطي، وهو المسلسل الذي نريد له الاستمرار بخطى ثابتة وبدون أن تطاله شوائب أو تشويشات من أي جهة.
    اشتغل الحزب بجدية، سواء عندما كان في المعارضة من خلال ممارسته مهامه الرقابية، واشتغل بمنطق القوة السياسية التي تقترح ولا تكتفي بالانتقاد، القوة التي تساهم في البناء لا في الهدم.
    كما أننا، لمّا ترأسنا الحكومة لولايتين متتاليتين، كان الأداء جيدا وأنجزنا حصيلة مشرفة ومعتبرة على مختلف المستويات، إضافة إلى كون الحكومة، التي شرفني جلالة الملك بتسيير فريقها، تمكنت بتوجيهات ملكية سديدة من تدبير جائحة كورونا "كوفيد-19" وتجنبنا الأسوأ سواء بالنسبة للتداعيات الاقتصادية أو الاجتماعية أو الصحية.
  • كل هذه المعطيات، وغيرها الكثير، تؤشر على أن حزب العدالة والتنمية له من الكفاءة ما تخوله بالاستمرار في تدبير الشأن الحكومي، وتدبير عدد من القطاعات الوزارية التي حقق فيها وزراؤنا حصيلة معتبرة.

Image removed.الدعاية الانتخابية لحزب العدالة والتنمية (الجزيرة)

– على ماذا ستبنون تموقعكم أو تحالفاتكم بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات؟

  • من السابق لأوانه الجواب عن هذا السؤال لأنه كما تعلمون، بالنسبة للنظام السياسي المغربي، واستنادا لدستور المملكة، فإن الحزب الفائز بالانتخابات الذي يحتل المرتبة الأولى هو من يسير الحكومة، وبعد تعيين جلالة الملك لرئيس الحكومة، يكون أمام الأخير مهمة اقتراح التشكيلة الحكومية بعد مشاورات مع الأحزاب بقصد تكوين الأغلبية التي ستضمن منح الثقة للحكومة بالبرلمان. هذا هو المسار الدستوري الذي يميز تشكيل الحكومة.
    ونحن بطبيعة الحال هدفنا الفوز بالانتخابات، على الرغم من التعديلات القانونية المجحفة في هذا المجال، ولنا جميع المؤهلات لذلك: حصيلة حكومية في المستوى، برنامج انتخابي يستجيب لتطلعات المواطن، مرشحون أكفاء ونزيهون لا يبيعون الوهم للمغاربة، بل يقدمون العرض السياسي لحزبهم، ويدافعون عنه بكل الوسائل القانونية المشروعة.

المصدر : الجزيرة

التصنيف : حوارات ;